-A +A
فهيم الحامد، أحمد الشميري (عدن)
من الشخصيات التي برعت في التفاوض وإنهاء عمليات الاختطاف في اليمن، سلطان الباكري الذي يعد خبيرا في تحرير المختطفين بسلام. الباكري الذي يعتبر أحد مشايخ قبائل قحطان بني باكر في مأرب، تمكن ببراعة من قيادة دفة المفاوضات مع خاطفي الدبلوماسي السعودي سعيد المالكي في منطقة بني ظبيان، الى أن أقنعهم بالإفراج عنه، ومن ثم تم تسليمه إلى السفير السعودي في صنعاء علي حمدان، حيث كانت «عكـاظ» شاهدا على اللحظات الأخيرة لإنهاء الاختطاف الذي تعرض له المالكي العام الماضي. كما لعب الباكري دورا رئيسيا في إنهاء اختطاف نرويجي قبل أشهر.
الباكري تحدث لـ«عكـاظ» عن تجربته في المفاوضات التي أجراها مع خاطفي الخالدي، حيث أكد أن تنظيم القاعدة قام بعمليات التمويه بعد اختطافه ليضمن إخراجه من عدن إلى لحج ومنها إلى زنجبار التي يسيطر عليها التنظيم الإرهابي.

وتطرق الباكري عن المراحل التي قطعها حتى الآن في التفاوض مع خاطفي الحالدي مؤكدا أن قضية اختطاف الخالدي بتحريره قريبا.
إرباك لكسب الوقت
وروى الباكري تفاصيل المفاوضات التي أجراها قائلا إنه «خرج مع مجموعة من أتباعه إلى عدن للبحث عن الخالدي بالأسلوب الذي يتبعه عادة (المفاوضون والوسطاء)، وبعد تحريات أولية في حي ريمي والأحياء المجاورة له، تأكدوا من أن تنظيم القاعدة وراء اختطاف الدبلوماسي السعودي.
وقال في معرض حديثه عن تلك التجربة «كانت تأتينا مجموعة في الصباح، وأخرى في المساء، وكل واحدة كانت لديها معلومات مختلفة عن الأولى. وزاد «الشيء المشترك الذي كان موجودا لدى المجموعتين أن كليهما كانا يعدان بالحضور غدا لتحديد مكان المختطف، في محاولة لابتزازنا من جهة وإرباكنا كسبا للوقت من جهة أخرى».
وتابع قائلا «آخر مجموعة التقينا بها، التي تبين لاحقا أنها هي التي أخرجت الخالدي من عدن إلى لحج، وعدتنا بالاتصال بنا في المساء لنذهب إلى حيث يوجد الدبلوماسي السعودي للتفاوض مع خاطفيه. وحينما توجهنا إلى المكان الذي حددته المجموعة تعرضنا لملاحقة بسيارات حاولت الاصطدام بمركبتنا، وحيث إن جميع المرافقين معي مسلحون نزلنا من السيارة فإذا بالذين يلاحقوننا يفرون مولين الأدبار».
وأضاف إنه بعد تلك الواقعة تأكدت من أن ما يجري هو بمثابة تمويه وأن الخالدي أصبح في قبضة تنظيم القاعدة. فقررت تغيير التكتيك واتصلت بمشايخ أبين التي توجهت اليها فورا بالطريق الساحلي حيث عشت بين كهوفها وجبالها ثلاثة أيام، ساعدني خلالها أحد مشايخ أبين وهو محمد الفضلي في الوصول إلى بعض القيادات ذات الصلة بالقاعدة التي أكدت لي أن الخالدي موجود لدى زعيم التنظيم ناصر الوحيشي ونائبه سعد الشهري، ولا يمكن لي مقابلته».
واصل الباكري حديثه قائلا «كان ذلك بمثابة حافز لي لمتابعة جهودي ولقاءاتي إلى أن وصلت إلى شخص من أقرب الناس إلى الشهري. واعتبرته الخيط الأخير للوصول إلى الخالدي لكنه رفض ذلك بشدة وقال لي «صاحبكم» الذي تبحثون عنه معنا لكننا نود التفاوض مع السفير السعودي في صنعاء ونريد خطا مباشرا معه».
ظروف مخيفة
وتحدث الباكري عن الظروف المخيفة التي عاشها بين جبال أبين جراء الحرب والقصف المتواصل من قبل الطيران اليمني على عناصر تنظيم القاعدة الذي يسيطر على زنجبار، موضحا أن كل ذلك لم يمنعه من مواصلة رحلته إلى شبوة لعله يعثر على خيط يقوده للوصول الى الشهري ومن ثم الخالدي. لكن الرد دائما كان جاهزا «لا يمكن لقاء القائد».
وتطرق الباكري إلى جهود مماثلة كان قام بها في السابق، قائلا إنه تمكن في شهر مايو من العام الماضي من تحرير الدبلوماسي في السفارة السعودية في صنعاء سعيد المالكي من خاطفيه في منطقة بني ظبيان. وتابع قائلا «قدمت إلى المنطقة بعد أيام من اختطاف المالكي، وكان سبقني اليها عدد من الشخصيات القبلية لكنهم لم يفلحوا في إقناع الخاطفين بالإفراج عن المختطف. وزاد «عقب وصولي طلبت الالتقاء مع الخاطفين وقدمت لهم كل الضمانات بعدم القيام بأي عمل يعرض سلامتهم للخطر، ولكونهم ينتمون إلى ثلاث قبائل تقطن محافظات البيضاء وصنعاء ومأرب التي أنتمي إليها وافقوا على ذلك. واستطرد «تراوحت مفاوضاتي معهم ما بين التعطف والتوبيخ لأكثر من خمسة أيام. وكانوا في اللقاء الأول أكثر تشددا وهو ما نعهده دائما في مثل هذه المواقف. وفي ظل توبيخنا وتحذيرنا لهم من أننا سنقف ضدهم ومناشداتنا لهم بأن يكونوا جزءا من القبيلة لا من المجرمين والمخربين توصلنا إلى حل معهم بعد أن رضخوا لكلمة القبيلة التي هددتهم بضبطهم وتسلميهم للدولة. وزاد: إلا أن الأمر مختلف في حالة الخالدي، إذ إن عناصر تنظيم القاعدة لا ينتمون لقبيلة معينة بل هم مجموعة من العناصر الإرهابية، لكن الباكري عاد ليقول إنه واثق من أن تنظيم القاعدة سيسلم الخالدي في النهاية.
أسهل مهمة
وأشار كذلك الى عملية تحرير مختطف نرويجي كانت اختطفته قبل ستة أشهر قبائل من مأرب تطالب الدولة بحقوق لها وتوظيف بعض أبنائها. وقال إن الإفراج عنه كان سهلا نسبيا، موضحا أنه قاد كذلك مفاوضات للإفراج عن أبناء عدد من المسؤولين اليمنيين، مستطردا «حقيقة أعمال الاختطاف سواء ليمنيين أو أجانب في مأرب وبلدات أخرى في اليمن تعود إلى عدم وجود إدارة ناجحة وقوية تدير موارد الدولة وتعمل على التقسيم العادل للوظائف بين كافة أطياف المجتمع اليمني وتحدد برنامجا للقضاء على البطالة والفقر اللذين يعدان السبب الرئيس للانحرافات في أوساط الشباب وتستلغها العناصر التخريبية لتحقيق أهدافها الإجرامية». وتابع بنبرة واثقة: «حررنا كل هؤلاء المختطفين بمن فيهم المالكي ولن نعجز عن تحرير الخالدي». ولفت إلى أنه ورث هذا الأسلوب في لعبة المفاوضات مع القبائل من جده الشيخ أحمد بن عاتق الباكري حاكم مأرب في خمسينات وستينات القرن الماضي. وأشار إلى أن الاختطاف عادة سيئة ومقيتة، قائلا «لست أنا وحدي من أرفضها وأستنكرها، بل إن جميع اليمنيين النشامى الذين يتمسكون بكل العادات والتقاليد القبلية التي تعبر عن حضارتهم ومكانتهم الضاربة في الأوساط اليمنية، يستهجنون مثل هذا الأسلوب الذي يتنافى مع القيم الحميدة».
واختتم حديثه بالقول «المملكة واليمن بلد واحد ومن المؤسف استهداف السعوديين الذين يقدمون كل الرعاية والخدمات لليمنيين في بلدهم الثاني المملكة ويعتبرونهم جزءا من المجتمع السعودي».